تويتر والسياسة: كيف أثرت هذه الشبكة على الحراك السياسي في العالم العربي؟
لا يخفى على أي شخص تأثير مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام على حياتنا اليومية، ومنذ ظهورها أصبحت كثير من الأشخاص يستخدمونها لأغراض مختلفة؛ فالبعض يستخدمها للتواصل مع الأصدقاء والعائلة، والبعض الآخر يستخدمها للترويج لأعمالهم التجارية، والبعض الثالث يستخدمها لأغراض ترفيهية، وهناك من يستخدمها للتعبير عن وجهات النظر السياسية وتبادلها مع الآخرين.
من المؤكد أن مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما تويتر قد أثرت بشكل كبير على الحراك السياسي في العالم العربي، فقد أصبح من السهل على الناس التواصل مع بعضهم البعض وتبادل وجهات النظر السياسية والمعلومات المتعلقة بالأحداث الجارية في المنطقة والعالم.
تأسست تويتر في عام 2006، وتمكنت منذ ذلك الحين من جذب عدد كبير من المستخدمين في مختلف أنحاء العالم، وخاصة في العالم العربي، حيث تمكنت من تغيير مفهوم الاتصال والتواصل بين الناس.
تويتر والثورات العربية:
اتضح تأثير تويتر جلياً في الثورات العربية التي اندلعت في العالم العربي في بداية العقد الثاني من القرن الحالي، والتي أدت إلى إسقاط أنظمة حكم في بلدان عديدة بالمنطقة.
ففي تونس، وأثناء انتفاضة الشعب التونسي ضد الرئيس السابق زين العابدين بن علي في عام 2011، كان تويتر منصة هامة لنشر الأخبار والأحداث، حيث كانت تتداول الأخبار والتدوينات بشكل سريع ومباشر.
كما شهدت مصر ثورة 25 يناير في عام 2011، ولعب تويتر دورًا هامًا في نشر الأخبار والأحداث، حيث استخدمها النشطاء من أجل تنظيم الاحتجاجات وتحريك الناس، كما أن تويتر كان وسيلة لتوثيق شهادات الناجين والشهود على الأحداث في وسائل الإعلام.
بمجرد أن بدأت احتجاجات سوريا في عام 2011، استخدمت الناشطات والناشطون تويتر لنشر أخبار الأحداث والصور والفيديوهات، وكان هذا من أهم الوسائل التي استخدموها لتوثيق جرائم النظام السوري.
تويتر والسياسة في العالم العربي:
تحولت تويتر من مجرد شبكة اجتماعية إلى منبر هام للنقاش السياسي، والتي يمكن أن تؤثر على توجهات الحكومات والأنظمة السياسية في المنطقة.
ففي العراق، استخدم الحشد الشعبي، الذي يعد أكبر كتلة سياسية في البلاد، تويتر للتواصل مع أنصاره وتوثيق أنشطته، وكان يستخدم تويتر للتواصل مع الرأي العام، ولتهيئة الأجواء قبيل الانتخابات.
أيضاً في اليمن، استخدم الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، تويتر للتواصل مع مؤيديه وتأكيد التزامه بمواصلة العمل من أجل الشعب اليمني، ولتأكيد موافقته على الاتفاق السياسي الذي توصل إليه في شباط/ فبراير 2012.
ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، استخدم السياسيون والصحفيون وناشطو حقوق الإنسان والمواطنون المتابعون للأحداث هذه الشبكة الاجتماعية لإبداء آرائهم والتعليق على الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومن هذه الأمثلة الأخيرة استخدام مغردين في الأردن منصة تويتر للمطالبة بالإصلاحات السياسية في البلاد.
آثار استخدام تويتر على السياسة في العالم العربي:
من الواضح أن تويتر قد أدى إلى تغيير المناخ السياسي في العالم العربي، وأحدث فيه تغييرات كبيرة في العديد من الدول، حيث أصبح بمثابة الصوت الذي يمثل الناس.
فتويتر أصبح وسيلة للتواصل السياسي حيث يمكن النشر الحر والمباشر للأخبار والأحداث ومشاركتها، كما يتيح للأفراد التعبير عن آرائهم السياسية بحرية وتفصيليًا.
ويمكن أن يدفع هذا النوع من النشاطات المستخدمين على تويتر للتحدث عن القضايا السياسية بشكل أكثر جرأة وصراحة، وربما يقومون بالتشجيع والإصرار على التغيير.
ففي مصر، تعددت الدعوات إلى التظاهر بمناسبة الذكرى السادسة لثورة 25 يناير عام 2011، والتي كانت تحت هاشتاج “كلنا مش فدايين”، وكان الهاشتاج على موقع تويتر ينتشر بشكل كبير، مما دفع البعض للخروج إلى الشوارع والتظاهر.
ويجدر الإشارة إلى أن إقرار الحكومات قوانين لحصر استخدام تويتر وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي قد دفع بعض الناشطين إلى تغيير أسلوبهم في التواصل والتفاعل، كما يجدر الإشارة إلى أن استخدام تويتر يساعد الجماعات السياسية على اكتساب شعبية ونفوذ عبر التواصل مع الجمهور.
الخلاصة:
رغم أن الاستخدام السياسي لتويتر يشكل تهديدًا للنظام السياسي في وقت تكثر فيه الحملات المضادة للمعارضين، إلا أنه لا يمكن إنكار التأثير الإيجابي الذي تسبب فيه شعبية تويتر في المنطقة، والذي دفع بالكثير من الأشخاص على تشكيل وجهات نظر للدفاع عن المصالح الشخصية والسياسية.
إن استخدام تويتر لا يحتاج إلى معدات مكلفة مثل القوى الإعلامية، ويمكن لأي شخص استخدام تويتر بكل سهولة، وهذا ما يحسّن من تأثيره كونه يستطيع إيصال الرسالة بسرعة ودقة عالية.